اليوم هو الثامن عشر من مارس ..
هل تتذكرون هذا التاريخ
لا اعلم !
هل تسمعون عن بلد اسمه اليمن؟
ربما
لكن نحن لا يفارق هذا التاريخ ذاكرتنا فقد خلدته الأرواح ...
لم و لن تستطع الأحرف أن تصفه ولا التاريخ أن يسجله هي وحدها الدماء التي سالت كفيلة بأن تخبر عنه .
سأكتب اليوم كغير عادتي عن شيء يخصني وربما لا يخصكم
ما تعودت أن افرد أو أُميز مكان عن أخر في وطني الواسع
سأكتب اليوم عن مسقط رأسي
لن أكتب عن ثورته وعن معانيها وعن جدواها وعن ما حققت .
لن اكتب اليوم عن الشهداء فلا أساوي لهم حذاء
لن ارثيهم
نحن من يجب أن نرثى وليس هم .
هم انقياء صادقين بذلوا الأرواح راضين غير مكرهين
في أوج النار
وفي كثافة الموت
كانوا يرتقون بشجاعة
يسقط من سبقهم أمام اعينهم
فلا يحرك فيهم ذلك إلا عزيمة للمجابهة
منهم من هو في عمر الورد
ومنهم من هو في مقتبل العمر
ومنهم من تقدم به السن
تجمعهم صلاتهم وصدقهم وحبهم بالتضحية ..
الأرصفة والشوارع كانت موضعاً لجباههم التي خضعت لبارئها .
ان اولئك الصفوة من ابناء بلدي قد علموا العالم التضحية , واجهوا الموت بصدور عارية بعزيمة فولاذية ؛ جعلت القناص يرتعد والعالم يذهل , فأبناء اليمن لم يحموا سلاحهم في وجه قاتلهم , بل وضعوا جماجمهم وقلوبهم دروعاً لصد الرصاص والأسلحة الثقيلة ...
لم تخفهم الحرب ولا التلويح بها ... هكذا عهدتهم لا كما صورهم الطغاة والمرجفون .
قلت بأني لن أتحدث عن هذا كله
فأنا سأتحدث عن الثورة ولن أتحدث عن الثوار .
عن الثورة التي عرفتها وربما يعرفها القليل
منذ أن نطقت أبكت قلبي ... وأسالت دموع العالم ... كان في صوتها صدق وفي طفولتها براءة وفي دموعها ألم ..
عتاب عاتبت الضمير وخرت في وجه العالم تذرف دمعها النقي الطاهر ... ذرفت دمعا وكلمات فأسالت به القلوب حزنا ربما ليس جميع القلوب إنما قلوب الذين يسمعون .
اليوم هو الثامن عشر من مارس
ذكرى بكاء عتاب الأول
يوم ودعت والدها الشاب
ويوم رثته بكلماتها
هو يومُ ماتت فيه قلوب الطغاة
صوتها وعيناها الممتلئين حزن وأسى
أرسلتا رسالة
ما زالت تتردد
انه السلاح الذي زاد من اتقاد الثورة
لقد ثرنا نعم
لكن ثورتنا لم تكن سوى قطرة في بحر عتاب
عتاب ليست بحر من ثورة
عتاب هي الثورة
في أنبل وأرقى وأصدق وصف .
فالبعض يحاول أن يكسب مكانة مرموقة وحب الاخرين فينضم إلى الثورة
لا يكفي ذلك بالطبع
بل يلتقط صورة مع عتاب
ويحهم لا يدركون معنى الثورة ولا يفهمون نقاء عتاب
نعم فقد اصبح من الموضة اليوم أن من أراد أن يثبت بأنه ثوري أو انه يحب الثورة يأخذ صورة مع عتاب
(عتاب التي ابكت العالم )... اللواء علي محسن لم تكفه الفرقة وقيادتها وقيادة الجيش المؤيد للثورة- توكل كرمان لم تكفها جائزة نوبل وغيرها ... وغيرهم كثيرون شاهدت صور تكررت ولكن عتاب هي الثابت فيها .. بعينيها الحزينتين ...
عتاب ليست لوحة جامدة تأخذون صوركم معها ... عتاب طفلة من لحم ودم اتركوها تعيش طفولتها أعيدوا لها سعادتها وبسمتها فهي لا تعلم ولا تعرف ما في نفوسكم ورغباتكم ....
عتاب صادقة كعيونها الحزينة ككلماتها المعبرة ... إنها الثورة ... دعوا الثورة تنمو وتترعرع لا تقيدوها ولا تجعلوها تعيش مراحل غيرها ...
كم انتي ملهمة ايتها الصغيرة .
بنيتي كم تخجليني عندما أنظر في عينيك
ماذا قدمنا لكي ؟!...
آه ايتها الصغيرة كم انت مثمرة
فما يزال الجميع يحتمي بظلك ويرتع من طفولتك
ها نحن اليوم في ذكرى بكائك الأول
ها هم يقصون شريط ويقيمون عرضاً ويحتفون
كم هم سطحيون
لن يدعو جرحك يشفى
سيظلون هكذا ينكأونه عاماً بعد عام
وستكبرين وسيذهب الجميع وستظهر حقيقة كل واحد منهم ..
من يصلح ومن يطلح .
وستبقى دموعك وعينيك تسأل الضمائر
اتمنى أن تكوني أخر عتاب لهذا الوطن وغيره
اتمنى ان لا أرى عتاب أخر في أي مكان من العالم
وسأبذل كل ما بوسعي لأجل ذلك .
إنه الثامن عشر من مارس
ذكرى بكاء عتاب الأول
وفي هذه الذكرى
ما يزال المئات بل ربما الألاف من العتاب
يبكون بل احياناً لا يجدون وقت للبكاء
ولا يسمعهم أحد
في سوريا
وفي غيرها
كم نحن قساة
حينما نورثهم الألم
وكم هم الطغاة والجشعين حقراء
حينما يهدونهم الموت
تخونني الكلمات كعادتها وأعجز
إن إرادتي ضعيفة ولذا فأنا فقط اؤدي بعض ما علي
نقطه ولم ينتهي العتاب
.
هامش وفاء :
أتعلمون لما كانت عتاب هي السلاح الأقوى في ثورتنا ؟
لأن هذا الشعب لا ترهبه القوة ولا يخيفه الطغاة ... لكن تعذبه الدموع
وصدق الحبيب حيث قال (أرق قلوباً وألين افئدة)
أعلاه صورة لعتاب وإحدى النساء معها في الصورة هي من الكثيرين الذين يحبون أن يظهروا بجانبها.
تعليقات
إرسال تعليق