حركتنا الرياح، و في الطريق خضنا ثورة
عبدالفتاح الصلوي
2013-01-22
أن تكون شاباً عديم الفائدة فهذا أمر يتفهمه البعض.
وأن تكون شاباً يكثر الحديث فهذا أمر سيعتبره البعض نجاحاً.
أن تكون شاباً لست كالأول ولست الثاني أيضاً, ولكن قد تجد نفسك تشبه احدهما فهنا تكون الكارثة ، وخاصة إن أكثرت من الصمت و حاولت أن تتجنب الصدام مع الجميع بل تبحث عن نفسك في نفسك ومن خلال خطواتك تمتماتك .
بدأ الدكتور احمد خالد توفيق إحدى مقالاته القديمة بجزء من قصيدة (إذا) لرديارد كبلنج، وكنت قد تعرفت على القصيدة أول مرة في تلك المقالة والتي بعدها أصبحت مدمناً لمقالات الدكتور وكتاباته وها أنا اقتبس القصيدة بأكملها:
إذا استطعت أن تحتفظ برباطة جأشك عندما يفقد الجميع من حولك
رباطة جأشهم ويلومونك بسببها؛
إذا استطعت أن تثق بنفسك حينما يشكك فيك كل الذين من حولك،
ومع ذلك تراعي شكوكهم أيضا:
إذا استطعت الانتظار ولم تمل الانتظار،
أو ، أن تكون ممن يُفترى عليه ، لا تتاجر في الأكاذيب،
أو أن تكون ممن يُحقد عليه لا تستسلم للحقد،
مع ذلك لا تبدِ طيبة فائقة ، أو تتحدث بحكمة أكثر مما يلزم؛
إذا استطعت أن تحلم - ولم تصبح عبداً لأحلامك؛
إذا استطعت أن تفكر - ولم تجعل الأفكار هدفك،
إذا استطعت أن تقابل النصر و الكارثة
وتعاملت مع هذين الدجالين على نفس القدر من المساواة:
إذا استطعت احتمال سماع الحقيقة كما نطقتها
وقد لويت من قبل الأوغاد لينصبوا فخاخاً للمغفلين،
أو أن تشاهد الأشياء التي نذرت نفسك من أجلها ، وقد تكسرت
وتخنع لتبنيها بأدوات بالية؛
إذا استطعت أن تصنع كومة واحدة من جميع مكاسبك
و تخاطر بها برمية واحدة في لعبة من ألعاب الحظ،
وتخسر،
وتبدأ مرة أخرى من حيث بدأت،
و لا تنبس بكلمة بشأن خسارتك:
إذا استطعت أن تجبر قلبك و أعصابك و أطنابك
من أجل خدمة أغراضك بعد أن يكونوا قد قضوا منذ أمد طويل
ولذلك تستمر عندما لا يوجد فيك شيء
سوى الإرادة التي تقول لهم : " استمر ! "
إذا استطعت أن تتحدث مع جموع الناس و تحتفظ بفضيلتك ،
أو أن تصاحب الملوك - ولا تفقد مقدرتك على مصاحبة العامة و التحدث إليهم،
إذا لم يستطع الأعداء أو الأصدقاء المحبون أن يؤذوك،
إذا كان لكل الناس أهمية عندك ، غير أن لا أحد منهم كثيراً:
إذا استطعت أن تملأ دقيقة عدم المغفرة
بما يساوي ستين ثانية من جري المسافات
الأرض لك و كل ما عليها
و- ما هو أكثر - ستكون رجلاً ، يا بني!
بحسب ما جاء كم رجلاً لدينا..
العادات هي كل ما أعتيد حتى صار يُفعل من غير جهد، ولأننا لدينا الكثير من الأعمال السيئة والتي نقوم بها بطريقة متكررة, فقد أصبح لدينا الكثير من العادات السيئة جداً. ومع الأيام, ولأننا لم نجد من يرينا مدى سوئها، صرنا نراها بأنها الطريقة الصحيحة لممارسة حياتنا اليومية والعادية جداً. وبالتالي فإن من يعترض على هذه الطريقة أو يخالفها سيكون قد خالف العادة والعرف وبذا يكون قد ارتكب خطئاً فادحاً يستحق العقاب.
هكذا حدث الأمر منذ غابر الزمن، فعندما كان يرسل الله رسلاً لتهدي الناس، جوبهت الرسل بكل أنواع الصد والعداء والعذاب، وسيظل الأمر على حاله ما دامت الحياة؛ ما لم نراجع عاداتنا وممارساتنا.
الخطأ ليس عيباً، والكل يدرك ذلك ويتشدق به، لكن أن نعترف بأننا أخطأنا فذلك يبدو من المستحيلات ( في الوقت الراهن طبعاً)، ولأننا لا نخطئ أو بالأصح لا توجد لدينا أخطاء أو مساوئ فهذا يعني انه يجب علينا أن نستمر في ممارسة ما نقوم به، وبالتالي فإن الواقع ليس جزء منا و لسنا نحن من يعيشه وكل ما يحدث من مصائب هو بسبب الآخرين. ولأننا أصبحنا في هذه النقطة فسيبدو الأمر أكثر وضوحاً عند تعريف سارتر (الآخرون هم الجحيم ). وفي حالتنا, الآخرون هم الجميع باستثنائنا نحن. وهنا أدرك كم نحن بارعون في استنتاج القوانين وأحياناً اكتشافها وتطويعها في صالحنا.
في هذا الوضع يجد احدنا نفسه مندهشاً حائراً وأحيانا خائر القوى, أو كما يصف شان شون الحكيم الصيني حاله (كالسحاب تدفعه الرياح في أي اتجاه )، لكني أدرك أن التوصيف قد يكون صحيحاً, لكن الأصعب هو أن نعترف به، وهنا نعود إلى أصل المشكلة، فالمريض النفسي ينكر أنه مريض و نتيجة لذلك فهو يرفض تناول الأدوية أو الالتزام بتعليمات الطبيب وبالتالي يصعب شفائه.
كشاب عادي وبسيط و في مقتبل العمر وكغيري من الناس أجدني كالسحاب، وهذا الوضع أعرف انه شديد التعقيد و أدرك بأنه لا يروق للكثير لذا فهم يحاولون تغييره كلاً بطريقته. أما أنا فلي طريقتي أيضاً وقد قررت أن انتهجها، أدرك إنني وضعت نفسي في موقف صعب ولا أقول بأني قادر على احتماله ولكن أحاول أن أصبح رجلاً رغم اختلافي عن تعريف رديارد ظاهراً أو كما يراني البعض.
قبل سنين ليست طويلة قررت أن اكتب وأن اسخر من حالنا ولأني لست متخصصاً في هذا الجانب فقد وجدت صعوبة في ذلك ولكن يصبرني على الاستمرار هي حياة من حولي، وكانت مواقع التواصل الالكترونية والمنتديات وتحديداً منتدى الساخر مكان مناسباً حسب رؤيتي، وهنا كنت وبكل مرارة وأيمان( العردان أو العردان مؤقتاً )، وبهذا أكون قد حاولت أن أكون مختلفاً عن محيطي وقررت أن اعترف بسوئي وقبحي, وبنفس الوقت أحاول مخاطبة الآخرين علّي أساعد في إقناعهم انه ليس من العيب أن نعترف بأن وضعنا سيء و قد يكون ذلك مؤقتاً ويجب أن ننتصر ونتغير ونصبح أفضل ، وهنا نعود إلى عبارة شان شون والتي كانت آخر كلمات له و نقشت فيما بعد على قبره ( ما الذي يهم أن أعيش أو أموت، إنني مثل السحاب اذهب حيث تدفعه الريح ، ذهبت مهزوماً إلى قائد منتصر فقهرته بهزيمتي ! ) يتحدث عن جنكيز خان.
تعليقات
إرسال تعليق