عندما اصيب التاريخ بنوبة قيئ تاريخية

يا جماعة الأمور بخير لكن نحن فقط معشر المتشائمين ،ننظر للأمور بشكل سوداوي ، فكما يقول عمنا الشاعر :

ومن نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا

نحن قبيحون وانفسنا بغير جمال ، و يكفي لإدراك تلك الحقيقة العلمية ان ننظر في اقرب مرآة ،

حينما اتحدث عن ان الامور بخير والدنيا حلوه وكل تلك الترهات اللي نحن اصلا مش شايفين منها لا وذن ولا انف ولا حنجرة ، فانا هنا لا اتحدث من فراغ وانما لدي اثباتات وادلة وبراهين .

فمثلاً برشلونة انتصر مؤخراً على اشبيلية بخماسية والاخ ميسي كسر الرقم التاريخي للأخ المناضل الجسور زارا وكذا الاخ سامي سعيد جداً جداً لهذا الامر التاريخي ودعك من مشجعي الريال  الاعداء التاريخيون ..

وعطفاً على كل ذلك فالمنتخب اليمني التاريخي خرج بنقطتين تاريخيتين من دورة كأس الخليج التاريخية التي يتنافس فيها فقط 8 منتخبات تاريخية وهذا يعد انجاز تاريخي ..

ولكن لأني انا صاحب النظرة المتشائمة لم استطع استيعاب مدى تاريخية هذا الخروج التاريخي بكل ما اوتي التاريخ من تاريخية ، اذ لم اجد شعباً تاريخياً وعلى مدى التاريخ القديم والحديث وحتى في تواريخ العصر الطباشيري ، سعيد لأنه خاسر ، وليس هذا فقط ولكنه مؤمن ومتيقن من ابسط مواطن الى اعلى مسئول فيه ان ذلك شيء جيد وتاريخي .

في الحقيقة وفي اللا حقيقة لقد وجدت نفسي في موقف تاريخي لا احسد عليه وانا اشفق على التاريخ وهو يدون هذه المواقف التاريخية التي نصنعها بكل ما اوتينا من قوة وعزم وشجاعة ، حتى خلت انني سأرى الاخ العزيز تاريخ يخجل منا ويتلثم خجلاً .

نحن في قديم الزمان ، يعني تقدر تقول من عشرات السنين قمنا بثورة تاريخية ، ثم ولأن ذلك امر تاريخي لم ندعه يمر هكذا دون ان نسجل تاريخيته ؛ ومن حينها ونحن نحتفل بتاريخية هذا الامر حتى اننا وعلى مدار اكثر من خمسين عام ونحن مستمرون في الاحتفال ، لدرجة اننا نسينا اصلا لماذا قمنا بهذا الحدث التاريخي ، ولكن وفي طريقنا لم نكتفي بهذا الانجاز ،  انما اضفنا اليه انجاز تاريخي آخر ، ولكوننا شعب عظيم لا نفعل الا اشياء عظيمة وتاريخية بالطبع ، فقد حققنا الوحدة بين شطري الوطن الموغل في اعماق الحضارة والتاريخ ، وبهذه المناسبة احتفلنا ما يقارب عشرين عاماً تاريخياً .

وعندما انتهينا من احتفالاتنا لم نجد ما نحتفل به فكان لزاماً من ان نقوم باحداث تاريخية عظيمة ، فطالبنا بالانفصال التاريخي ومن ثم اعدنا من ثرنا عليه ، دعك من ان الاخرين ينظرون الينا بقرف تاريخي ، فبالتأكيد تلك مؤامرة تاريخية ونحن الافضل على الاطلاق و افضل منا مستحيل حتى وان كان كريستال للغسيل .

نحن ندرك اننا شعب فقير ويعيش على التاريخ ويقتات عليه ، وبأننا شعب أمي وبه كمية كبيرة من التخلف التاريخي ، ولكن كل تلك الاشياء ليست ضرورية ، يكفينا ان نمجد ونسجل الافعال التاريخية ، حتى وان كانت متناقضة .

نحن شعب كل لحظاتنا تاريخية لدرجة ان دفاتر التاريخ واوراقه امتلأت بتسجيل تلك اللحظات ، يقتل بعضنا بعض بتاريخية ، ويعادي بعضنا بعضاً بتاريخية ايضاً ، و نزور الحقائق بتاريخية ... حتى اننا نقوم بكل الامور السيئة ، ولكن يكفينا دافعا لفعلها انها تاريخية .

حتى اننا عندما نقوم بثورة عظيمة وتاريخية على حاكم متخلف وغبي ، يصبح زعيماً عظيماً و تاريخياً ولكن في نفس الوقت تبقى الثورة عظيمة وتاريخية ، ونتعايش مع هذا التناقض بل ونسجله بانه تناقض تاريخي .

انا لن استغرب ابداً ان وجدت التاريخ يتقيأ في اقرب مكب نفايات ممتلئ بتاريخنا وبلحظاتنا التاريخية .

كل ما في الأمر اننا نعيش في بلد يعج بالنفايات التاريخية والنفايات البشرية التي تتربع على قمة الاحزاب السياسية والدوائر الحكومية والجماعات المسلحة والارهابية ..

بالتأكيد نحن شعب عظيم ولنا تاريخ عظيم كذلك ولكن كل ما في الأمر اننا ننظر الى هذا الوطن من الأعلى لنرى هذه البلاد وكأنها بالوعة كبيرة ، لأنه في الاعلى قد طفت كل القاذورات والمخلفات البشرية على هيئة احزاب وقوى اجتماعية وسياسية وصناع قرارات تاريخية .

وكل ما نحتاج اليه هو سباك او مجموعة سباكين لمعالجة الامر ولكن بشرط ان لا يكون لهم علاقة بالتاريخ لا من قريب او حتى من بعيد ويجب ان يكون بينهم وبينه على الاقل ملايين السنوات الضوئية .