التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الى د. ياسين .. هكذا سنتذكركم


في العام 2011 كنت في طليعة الشباب الذين خرجو الى الساحات ، في اول الايام وقبل أن تنصب الخيام في ساحة التغيير كنت اقف مع بضعة شباب امام جامعة صنعاء نتلقى الاحجار والرصاص ، حينها رمى احد البلاطجة حجرا ارتطمت بالارض ثم في خدي ، تورم خدي قليلا ثم عدت في اليوم التالي وما بعده لاشارك بأنبل فعل في حياتي ورغم كل ما حدث بعدها الى اليوم ، ما زلت سعيدا بذلك وامل أن أروي ما حدث لابنائي واحفادي .
بعدها و في ظهيرة احد الايام كنت اقف في ساحة التغيير امام المنصة ، عندما صعد عليها بعض السياسيين ، كان من ضمنهم الدكتور ياسين سعيد نعمان وباسندوة والعتواني وربما محمد قحطان ، حينها القى الدكتور ياسين كلمة لم اعد اتذكر منها سوى أنه تلعثم عندما قرأ احد الايات ، في ذلك الوقت كان الدكتور ورفاقه يعتبرون انفسهم ويعتبرهم الكثير قادة التغيير ، ولطالما تحدثو باسمنا ، حينها ايضا لو أن ياسين ورفاقه امرونا بأن نخوض البحر لفعلنا .
في العام 2011 حين كنا في الساحات نتلقى الرصاص ونستنشق الغازات ونموت ايضا ، وبعد مرور الايام والاشهر ونحن على هذه الحال المح لنا ياسين ورفاقه بانه علينا ان نترك الساحات ؛ ففعلنا بصمت و لكننا لم نشعر بأن مطالبنا تحققت .
اليوم فقط وبعد مرور سنوات اشعر أن ياسين ومن معه في ذلك اليوم لم يصعدو على المنصة ، انما كانو يمتطون ظهورنا الدامية ، وحينما توقفنا عن الحركة وقعوا على الارض ولم يستطيعوا النهوض .
ما تلت من احداث لم تكن ذات اهمية ، ولم نشعر بأننا بخير أو ان الوطن بخير ، أنهى السياسيون الحوار ، ثم تحالف البعض و شن حرب ابادة علينا نحن الشعب ، ليثبت بأنه الاقوى وبأنه الاحق في حكمنا بمنطق سلالي الى جانب القوة .
بالأمس وفي الظلام الدامس عندما استلقيت على الفراش املا في النوم ، لم استطع أن اتوقف عن تخيل اللحظة الاخيرة لاستشهاد عبدالله قابل ورفاقه الشباب ، الذين استخدمتهم المليشات ، التي سلم لها السياسيون الحكم بعد أن مكناهم منه في 2011 .
حسنا لمحاولة فهم مايحدث الان ، دعونا نأخذ نظرتين مختلفتين في ذات الوقت ( الامس ) لمكانين مختلفين :
المشهد الأول للدكتور ياسين سعيد نعمان السياسي الابرز والمنظر الاول وصاحب نظرية عبور المضيق وعنق الزجاجة ، والذي يتمتع بشعبية طاغية وحضور لافت في الاوساط اليمنية ، وهو في الرياض يؤدي القسم سفيرا لليمن لدى بريطانيا وايرلندا ، ليلتحق بإبنه والذي كما قيل لي بأنه حصل على منحه للدراسة في لندن ولست متأكدا من الخبر الاخير .
المشهد الثاني لعبدالله قابل ورفاقه الصحفيين وهم محتجزين في احد مخازن الاسلحة في مدينة ذمار ، اذ وضعتهم المليشيا الحوثعفاشية كدروع بشرية في الوقت الذي قصفت فيه طائرات التحالف المكان .
ما زلت غير قادر على استيعاب البشاعة التي علقت في ذهن عبدالله ورفاقة للواقع الذي ودعوه وتركونا فيه ، ومن بين ما ترك الشاب قابل وراءه ، طفلة صغيرة بلا أب وبلا عائل ولا يعلم كيف ستكبر وماذا ستدرس .
كان عبدالله شجاعا كعادته ، ولكنه وهو يقابل الموت ربما تسائل عن من سينقل الصورة ومن سيخبر العالم عن الجرائم التي ترتكبها المليشيا ، و عن من سيخبر الابرياء عن ادوات الموت التي تتجه اليهم بعد أن يغادر .
ما اعلمه هو ان عبدالله قابل ورفاقه استشهدوا كأبطال وتركو خلفهم ملايين البشر لا يعلمون مصيرهم وينتظرون الخلاص ،
و كذلك فعل الدكتور ياسين اذ يودع الرياض ليرحل الى لندن تاركا وراءه بلدا وتاركا وراءه ملايين البشر الذين كثيرا ما استمعوا لحديثه وانتظروه ليصف ما يجري ويسرد تفاصيل الحل الامثل ، ويشارك في قيادة البلاد الى الدولة المدنية الحديثة التي كثيرا ما تغنى بها .

بالتأكيد نحن لا نطلب من ياسين ان يصلب نفسه ويصرخ ( فريدوووم ) كما فعل ويليام ولس ، فقد سبقناه نحن الشباب الى ذلك ، وكل ما كنا نحلم به هو أن يقوم بما يتوجب عليه كسياسي و مشارك في صناعة القرار ، وأن لا يتخلى عنا في ظروف صعبه يحتاج فيه البلد لصوت العقل والمنطق يعلو على صوت الرصاص .
ما اعرفه الان أن الدكتور ياسين ذهب بارادته وكان يعرف وجهته ، ربما بقدر معرفة عبدالله قابل بما يريد ، والفرق ان عبدالله خرج ومات من اجل الحقيقه ومن اجل بلده ومن اجل الاخرين ، اما ياسين فربما سيعبر المضيق وحيدا وهو يصرخ انا حي انا اعيش انا في أمان وهذا الاهم .
نعلم اليوم كيف سنحكي قصة عبدالله قابل ورفاقه للاجيال القادمة وماذا سنكتب عنهم ، ولكني احس بالخجل و الحيرة ولا اعرف ماذا سأقول عن ياسين وعن حقبته وعن رفاقه من السياسيين وعن زمن صناعة الحروب ، في هذه اللحظة لا يعلق في ذهني سوى قصيدة ( الرجال الجوف ) ل ت.س.اليوت اذ اتخيلهم وهم يرددون مع بعضهم :
نحن الرجال الجوف
عظامنا هشة
يسند بعضنا بعضا
برؤوس محشوة بالقش
يا للضياع
اصواتنا الأجشة
حين نتهامس معا خافتة وبلا معنى
كالريح بين الاعشاب الجافة
او ارجل الفئران فوق الزجاج المتكسر
او قبونا الكئيب
خطوط بلا صورة
ظل بلا لون
طاقة مشلولة
إيماءة بغير حركة

يا من عبرونا بعيون نافذة
الى مملكة الموت الاخرى
اذكرونا ان فعلتم
اذكرونا ..
لا كذكركم الارواح العارمة
ضالة
ولكن اذكرونا كرجال جوف
ذوي عظام هشة . 



عبدالفتاح الصلوي 26 مايو 2015 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة - لك الحمد يالله كم شدني وجد

 لك الحمد يا الله كم شدني وجد ُ لحمدك إجلالا لك الشكر والحمد ُ لك الحمد إن القرب منك وسيلة إليك وأما البعد ياسيدي بعد ُ لك الحمد والأغصان مالت وسبحت وفاحت بأنسام الرضى هذه الورد لك الحمد والأنسام بالحمد كم غدت وبشرى رياح الخير بالشكر كم تغدو لك الحمد والاشجان في دمع خدها دموع جرى من خد دمعتها خد  لك الحمد حمداً يسلب الحر حره  ويمسي بلا برد هنا ذلك البرد  لك الحمد حمدا يسلب المر مره ويغدو عناء الجهد ليس له جهد  أقل قليل الحمد في أن وهبتنا  عقولا وما للناس من حملها بد  وعلمتنا من فيض علمك ما به  عرفناك أنت الله الواحد الفرد  ونورتنا من نور نورك ما به  دنا منك عبد حظه أنه عبد  وتهتز بالتسبيح روحي كأنما  بها قد اضاء البرق وانفجر الرعد  على انه لن تبلغ الحمد أحرفي  فكيف بحمد ليس في حصره حد  وكيف بحمد لو جمعنا بحارنا  واشجارنا في عده يعجز العد  ويبدو لنا في ذكرك الحب والرضى  ادم سيدي هذا الشعور الذي يبدو  سمعت القصيدة في محاضرات الشيخ محمد المقرمي، عند البحث وجدت من ينسبها للشاعر فهمي المشولي. ...

قد مالت عمامتك يا أبا جوشن.

  قد مالت عمامتك يا أبا جوشن. كان أبو الخطار الكلبي ذو الأصول اليمنية و الياً  على الأندلس و عرف عنه  العدل و الإنصاف و اجتمعت كلمة المسلمين تحت رايته، حتى جاء إليه رجلان يختصمان أحدهما قيسي و الأخر من اليمانية و قيل بأن القيسي قد كان أبلغ حجة من اليمني و رغم ذاك إلا ان أبي الخطار غلبته عصبيته و حكم لليمني . فما كان من القيسي إلا أن توجه إلى زعيم القيسية الصميل ابن حاتم (ابو جوشن) ليشتكي له ما حل به، فذهب الصميل إلى ابو الخطار فأهانه وضربه حتى مالت عمامته، فرآه أحد الناس وقال:  " قد مالت عمامتك يا أبا جوشن" فرد عليه: "إن كان لي قومٌ فسيقوّمونها" . وقد حدث حيث إستقطب ابو الجوشن بعض الشخصيات اليمنية إلى صف القبائل القيسية و وقعت معركة وادي لكة عام ١٢٧هـ والتي أسفرت عن إنتصار الصميل بن حاتم وحلفائه اليمنيين. الصورة للفنان غسان مسعود بدور الصميل في مسلسل صقر قريش.

حالة (الحكمة اليمانية) ليومنا هذا !

حالة (الحكمة اليمانية ) ليومنا هذا :  الاجواء غائمة على بعض الاجزاء الشمالية ومريم كل شوية وجزعة تشطف وغائم على الاجزاء الجنوبية والرادار غير قادر على تقديم قراءة دقيقة  بالمجمل , فاللي زعلان على البكري <------ على اساس اقيل من جنة عدن مش من محافظة عدن المدمرة والخارجة من الحرب و ذات الانفلات الامني . واللي عنده غثيان لان عبدربه جزع الممخط رياض ياسين معه الوليمه وسيب ابن (الدبلوماسية اليمنية ) مع انه داهن بسليط نارجي وما شط على شق . واللي يحتفل بسوناتا القمر وتسامح الاصلاح اللي من ربع قرن رآنا سعداء مع عغاش فغض النظر . والقائمة تطول والخلاصة : نحن نعيش في النعيم ونحن والقمر جيران ، والحكومة والرئاسة حاضرين عزومة مدري عرس حق الجيران و ما فيش شي الا انه بتعز كم نفر مات بسبب حمى الضنك وكم نفر مات من السفاط حق الحوثيين . ومدري كام دولة من اسابيع في مارب اجئوا بموكب عشان يروحوا العروسة ، و البلاد في رخاء والشعب كل يوم زامل و عامل ريجيم وما يأكلش غير خيارات استراتيجية .  واهدي تحياتي وسلامي الى اي شخص وحرمه بمناسبة ارتزاقهما هذا النكد و جعلها اخر...